فصل: الشاهد التاسع والستون بعد الثمانمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.كدميوة.

وأما كدميوة وكانوا تبعا لهنتاتة وتينملل في الأمر وجبلهم بصدف جبل هنتاتة وكان رؤساءهم لعهد الموحدين بنو سعد الله ولما تغلب بنو مرين على المصامدة ووضعوا عليهم الضرائب امتنع يحيى بن سعد الله بعض الشيء بحصن تافرجا وتيسخنت من جبلهم وخالفه عبد الكريم بن عيسى وقومه إلى طاعة بني مرين واختلفت إليهم العساكر إلى أن هلك يحيى بن سعد الله سنة أربع وتسعين وستمائة وعساكر يوسف بن يعقوب مجمرة على حصاره فهدموا حصونه وأذلوا من قومه.
استخلص السلطان يوسف بن يعقوب عبد الكريم بن عيسى منذ عهد أبيه فعقد له عليهم ثم تقبض على أمراء المصامدة واعتقله فيمن اعتقل منهم حتى اذا فعل ابن الملياني فعلته في استهلاكهم لعداوة عمه بمالبس الكتاب على لسان السلطان لإبنه على أمير مراكش فقتل عبد الكريم فيمن قتل منهم وقتل معه بنوه عيسى وعلي ومنصور وابن أخيه عبد العزيز بن محمد وامتعض السلطان لذلك وأفلت ابن الملياني من معسكره لحصار تلمسان فدخلها.
ثم قام بأمر كدميوة عبد الحق بن الملياني سعد الله أيام السلطان أبي الحسن وابنه أبي عنان وكانت بينه وبين عامر بن محمد فتنة جرها منصب العمالة شأن المجاورين من القبائل وقديم العداوة بين السلف فلما استفحل أمر عامر بالولاية على مراكش وسائر المصامدة نبذ إلى عبد الحق العهد ونحلة الخلاف والمداخلة للسكسيوي شيخ الفتنة المستعصي منذ أول الدولة فصمد إليه سنة سبع وخمسين وسبعمائة في قومه ومشايخ السلطان التي كانت بمراكش لنظره فاقتحم عليه معقله عنوة وقتله واستولى على كدميوة ولحق بنو سعد الله بفاس فأقاموا بها حتى إذا خاض السلطان أبو سالم البحر إلى ملكه بعد أخيه أبي عنان ونزل بغمارة نزل إليه يوسف بن سعد الله واعتقد منه ذمة سابقيته تلك فلما استولى على البلد الجديد واستقل سلطانه عقد له على قومه رعيا لوسيلته فأقام في ولايته مدة السلطان أبي سالم وكان عامل مراكش محمد بن أبي العلى من حاشية السلطان وبيوت الولاة بالمغرب معولا فيها مظاهرته.
ولما هلك السلطان أبو سالم واستبد عمر بن عبد الله على الملوك بعده بادر لحين ثورته بالعقد لعمر على أعمال ليستظهر به وطير إليه الكتاب بذلك ونزل إلى مراكش وقتل بها يوسف بن سعد الله ونكث ابن أبي العلى ثم قتله وألحقه بابنه عبد الحق وذهبت الرياسة من كدميوة برهة من الدهر ثم رجعت إليهم في بني سعد الله والله تعالى قادر على ما يشاء وبيده تصاريف الأمور لا رب سواه ولا معبود إلا إياه.

.وريكه.

فهم مجاورون لهنتاتة وبينهم فتنة قديمة وحروب متصلة ودماء مطلولة كانت بينهم سجالا وهلك فيها من الفريقين أمم إلى أن غلبهم هنتاتة باعتزازهم بالولاية فخضدوا منهم الشوكة وأصاروهم في الجملة والله وارث الأرض ومن عليها والله تعالى أعلم بغيبه وهو على كل شيء قدير.

.الخبر عن بني يدر أمراء السوس من الموحدين بعد انقراض بني عبد المؤمن وتصاريف أحوالهم.

كان أبو محمد بن يونس من جملة وزراء الموحدين من هنتاتة وكان المرتضى قد استوزره ثم سخطه وعزله سنة خمسين وستمائة وألزمه داره بتاء مصلحت وفر عنه قومه وحاشيته وقرابته وكان من أهل قرابته علي بن يدر من بني باداسن ففر إلى السوس وجاهر بالخلاف سنة إحدى وخمسين وستمائة ونزل بحصن تانصاحت بسفح الجبل حيث يدفع وادي السوس من درن وشيده وحصنه وتغلب على حصن تيسخت من أيدي صنهاجة وشيده وأنزل فيه ابن عمه بوحمدين ثم تغلب علي بسيط السوس وجأجأ بني حسان من أعراب المعقل من مواطنهم بنواحي ملوية إلى بلاد الريف فارتحلوا إليه وعاث بهم في نواحي السوس وأطاع له كثير من قبائله فاستوفى جبايتهم وأجلب على عامل الموحدين بتار ودانت وضيق عليه المسالك وتفاقم أمره واتهم الوزير أبو محمد بن يونس بمداخلته وعثر على كتابه إلى علي بن يدر فأمر المرتضى باعتقاله وقتله سنة اثنتين وخمسين وستمائة وأغزى أبا محمد ابن أصال إلى بلاد السوس في عسكر الموحدين والجند وعقد له عليها فنزل تارودانت وتحصن علي بن يدر في تيونودين وزحف إليه ابن أصناك في عسكره فهزمه ابن يدر وقتل كثيرا منهم ورجع إلى مراكش مفلولا وأقام علي بن يدر على حاله من الخلاف وأغزاه المرتضى محمد بن علي أزلماط في عسكر من الموحدين سنة ستين وستمائة فهزمهم وقتل ابن أزلماط فعقد المرتضى من بعده على السوس لوزيره أبي زيد بن بكيت فزحف إليه ودارت الحرب بينهما مليا وانقلب من غير ظفر واستفحل ابن يدر ببلاد السوس واستخدم الأعراب من الشبانات وذوي حسان وأطاعته القبائل من كزولة ولمطة وزكن ولخس من شعوب لمطة وصناكة وجبى الأموال واستخدم الرجال يقال كان جنده ألف فارس وكان بينه وبين كزولة فتن وحروب يستظهر في أكثرها بدوي حسان.
ولما استولى أبو دبوس على مراكش سنة خمس وستين وستمائة وفرغ من تمهيد ملكه بها اعتزم على الحركة إلى السوس ورحل من مراكش وقدم بين يديه يحيى بن وانودين لاحتشاد القبائل ومن بالجبل ثم أسهل من تامسكروط إلى بسيط السوس ونزل علي بني باداسن وقبيلة ابن يدر على فرسخين من تيونودين وقصد تيزخت ومر بتارودنت وعاين آثار الخراب الذي بها من عيث ابن يدر ولما بلغ حصن تيزخت خيم بساحته وحشد أمما من القبائل لحصاره وكان بوحمدين ابن عم علي بن يدر فحاصره أياما ولما اشتد عليه الحصار داخل علي بن زكدان من مشيخة بني مرين كان في جملة أبي دبوس فداخله في الطاعة وتقبل السلطان طاعته على النزول عن حصنه ثم أعجله الحرب واقتحم عليهم الجلب ولجؤوا إلى الحصن وفر حمدين إلى بيت علي بن زكدان فأمره السلطان باعتقاله واستولى السلطان على الحصن وأنزل به بعض السادة لولايته وارتحل أبو دبوس إلى محاصرة علي بن يدر فحاصره أياما ونصب عليه المجانيق ولما اشتد عليه الحصار رغب في الإقالة ومعاودة الطاعة فتقبل وأقلع السلطان عن حصاره وقفل إلى حضرته ولما استولى بنو مرين على مراكش سنة ثمان وستين وستمائة استبد علي بن يدر وتملك سوس واستولى على تارودنت ايغري وسائر أمصاره وقواعده ومعاقله وأرهف حده للأعراب فزحفوا إليه وكانت عليه الدبرة وقتل سنة ثمان وستين وستمائة وقام بأمره علي ابن أخيه عبد الرحمن بن الحسن مدة ثم هلك وقام بأمرهم علي بن الحسن بن بدر ولما صار أبو علي بن السلطان أبي سعيد إلى ملك سجلماسة يصلح عقده مع أبيه كما يذكر في أخبارهم فنزلها وشيد ملكه بها واستخدم كافة عرب المعقل فرغبوه في ملك السوس وأطعموه في أموال ابن يدر فغزاه من سجلماسة وفر ابن يدر أمامه إلى جبال نكيسة واستولى السلطان أبو علي على حصنه نانصاصت وسائر أمصار السوس واستصفى ذخيرته وأمواله ورجع إلى سجلماسة.
ثم استولى السلطان أبو الحسن من بعد ذلك عليه وانقرض ملك بني يدر ولحق به عبد الرحمن بن علي بن الحسن وصار في جملته وأنزل السلطان بأرض السوس مسعود بن إبراهيم بن عيسى البريتاني من طبقة وزرائه وعقد له على تلك العمالة إلى أن هلك وعقد لأخيه حسون من بعده إلى أن كانت نكبة القيروان وهلك حسون وانقض العسكر من هنالك وتغلب عليه العرب من بني حسان والشبانات ووضعوا على قبائله الأتاوات والضرائب ولما استبد أبو عنان بملك المغرب من بعد أبيه أغزى عساكره السوس لنظر وزيره فارس بن ودرار سنة ست وخمسين وستمائة فملكه واستخدم القبائل والعرب من أهله ورتب المشايخ بأمصاره وقفل إلى مكان وزارته فانفضت المشايخ ولحقت به.
وبقي عمل السوس ضاحيا من ظل الملك لهذا العهد وهو وطن كبير في مثل عرض البلاد الجريدية وهوائها المتصل من لدن البحر المحيط إلى نيل مصر الهابط من وراء خط الاستواء في القبلة إلى الاسكندرية.
وهذا الوطن قبلة جبال درن وعمائر وقرى ومزارع ومدن وأمصار وجبال وحصون ويحدق به وادي السوس ينصب من باطن الجبل إلى ما بين كلاوة وسيكسيوة ويدفع إلى بسيطه ثم يمر مغربا إلى أن ينصب في البحر المحيط والعمائر متصلة حفافي هذا الوادي ذات المدن والمزارع وأهلها يتخذون فيها قصب السكر وعند مصب هذا الوادي من الجبل في البسيط مدينة تارودنت وبين مصب هذا الوادي في البحر ومصب وادي آش مرحلتان إلى ناحية الجنوب على ساحل البحر وهناك رباط ماسة الشهير المعروف بتردد الأولياء وعبادتهم وتزعم العامة أن خروج الفاطمة منه.
ومنه أيضا إلى زوايا أولاد بو نعمان مرحلتان في الجنوب كذلك على ساحل البحر وبعدها على مراحل عصب الساقية الحمراء وهي منتهى مجالات المعقل في مشايتهم وفي رأس وادي السوس جبل زكنون قبلة جبل الكلاوي وفي قبلة جبال درن جبال نكيسة تنتهي إلى جبال درعه ويعرف الآخر منها في الشرق بابن حميدي ويصب من جبال نكيسة وادي نول ويمر مغربا إلى أن يصب في البحر وعلى هذا الوادي بلدتا كاوصت محط الرفاق والبضائع بالقبلة وبها سوق في يوم واحد يقصده التجار من الآفاق وهو من الشهرة لهذا العهد بمكان وبلد إيفري بسفح جبال نكيسة بينها وبين تاكاوصت مرحلتان وأرض السوس مجالات لنزول لمطة فلمطه منهم مما يلي درن وكزولة مما يلي الرمل والقفر ولما تغلب المعقل على بسائطه اقتسموها مواطن فكان الشبانات أقرب إلى جبال درن وصارت قبائل لمطة من أحلافهم وصارت كزولة من أحلاف ذوي حسان والأمر على ذلك لهذا العهد وبيد الله تصاريف الأمور لا رب سواه ومعبود إلا إياه.
علي عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الرحمن بن بدر من بني باداسن.